الخميس، 16 مايو 2013

الاستشعار عن بعد-د.محمد عرب الموسوي


الاستشعار عن بعد: أنواعه، وتقنياته، وأجهزته
د.محمد عرب الموسوي
أولاً: تعريف الاستشعار عن بعد
هناك تعريفات عديدة للاستشعار عن بعد، وفيما يلي عرض لأهم أربعة من هذه التعريفات:
1. يقصد بالاستشعار عن بعد مجموع العمليات، التي تسمح بالحصول على معلومات عن شئ ما، دون أن يكون هناك اتصال مباشر بينه وبين جهاز التقاط هذه المعلومات.
2. الاستشعار عن بعد هو ذلك العلم، الذي يستخدم خواص الموجات الكهرومغناطيسية المنعكسة، أو المنبعثة من الأشياء الأرضية، أو من الجو، أو من مياه البحر والمحيطات في التعرف عليها.
3. يمكن النظر إلى الاستشعار عن بعد على أنه: مجموعة الوسائل، من طائرات، أو أقمار صناعية، أو بالونات، وأجهزة التقاط البيانات، ومحطات الاستقبال، ومجموعة برامج معالجة البيانات المستقبلة، التي تسمح بفهم المواد والظواهر من طريق خواصها الطيفية.
4. الاستشعار عن بعد: هو علم يمكن من الحصول على بيانات الانعكاس والسلوك الطيفي للأشياء، التي يمكن أن تتحول إلى معلومات من خلال عمليات المعالجة والاستقراء.
إذن فعبارة "الاستشعار عن بعد" تستعمل لتعني مجموعة المعطيات، التي نحصل عليها من مسافة معينة؛ ناتجة عن تفاعل طاقة الإشعاع الكهرومغناطيسي مع المادة، أو المظهر الذي ندرسه، والمقيس بإحدى وسائل أجهزة الاستشعار عن بعد.
إن هذه التعريفات - وإن كانت شمولية - فإنها على درجة كبيرة من التعقيد أحياناً، فما تتضمنه دراسة المواد والثروات الأرضية، التي ليست على بعد كبير من الأجهزة، يجعل استعمال عبارة "عن بعد" موضعاً للتساؤل أحياناً. كما يعتقد البعض أن الوسائط الأخرى المخالفة للطاقة الإشعاعية، كالصوت مثلاً، يجب أن تكون مشمولة بهذه التعريفات.
ثانياً: أنواع الاستشعار عن بعد
يمكن تصنيف الاستشعار عن بعد طبقاً لنوع البيانات المستقبلة إلى:
1. الاستشعار عن بعد الإيجابي Active Remote Sensing: وتكون البيانات المستقبلة فيه انعكاسات طيفية، حيث تقوم المنصات الحاملة لأجهزة الاستشعار بإرسال الموجات الكهرومغناطيسية إلى الأهداف المراد دراستها، فترتطم بها، وتنعكس لتستقبلها المستشعرات Sensors، التي تقوم بإرسالها إلى محطات الاستقبال الأرضية Ground Reception Stations.
2. الاستشعار عن بعد السلبي Passive Remote Sensing: وتكون البيانات المستقبلة فيه هي الانبعاث الطيفي من الأجسام، (اُنظر شكل التقاط الانبعاثات الطيفية).
ثالثاً: تقنيات الاستشعار عن بعد
تعتمد تقنيات الاستشعار عن بعد على حمل أنواع متعددة من المستشعرات Sensors، لتسجيل الظواهر المراد دراستها وقياسها، بناء على مفهوم؛ أن كل جسم يشع ويعكس مدى من الطاقة الكهرومغناطيسية، تكون غالباً في مجموعات متميزة، تسمى "بصمات طيفية" Spectral Signature، توضح معلومات عن خاصية معينة للجسم.
وعموماً، فإنه يمكن للإشعاع أن يبث من خلال الجسم، أو يمتص بواسطة الجسم، أو يشتت بواسطة الجسم، أو قد ينعكس الإشعاع، ويعني بذلك عودة الإشعاع دون تغيير، أي يكون الجسم في هذه الحالة مثل المرآة.
ويحدد اختيار أحد هذه التفاعلات السابقة طول الموجة لكل مادة، التي تعتمد أساساً على خصائص سطحها وجزيئات بنيتها، وهذه هي قواعد القياس بواسطة الاستشعار عن بعد. وجدير بالذكر أن للغلاف الجوي للأرض بعض المميزات الخاصة به، والمؤثرة في اختيار النطاقات الضوئية في الاستشعار.
وتختلف دقة كل جهاز استشعاري عن الآخر بدرجة التفريق [1]Resolution، التي يحققها في رصد الأهداف، ويعتمد ذلك على خواص كل مادة بالنسبة لعكس الأشعة الساقطة عليها، أو امتصاص هذه الأشعة، جزئيا أو كلياً.
رابعاً: آلية الاستشعار عن بعد
تتم آلية الاستشعار عن بعد على مراحل أربع:
1. جمع المعلومات بواسطة المستشعرات، وبثها إلى محطات الاستقبال الأرضية.
2. خضوع هذه المعلومات لمعالجة أولية وتصحيحات، ثم معالجة نهائية.
3. تفسير هذه المعطيات بعد تحويلها إلى صور.
4. استخدام الصور في رسم البيانات الدقيقة والخرائط، التي تخدم المجالات المختلفة.
خامساً: أجهزة الاستشعار عن بعد
أجهزة الاستشعار عن بعد أجهزة ميكانيكية أو إلكترونية، فيمكن أن تكون آلة التصوير العادية أكثر الأشكال المألوفة لأجهزة الاستشعار عن بعد، إذ إنها مثل العين تماماً، تستخدم الضوء المنعكس من الجسم، والمار خلال عدسات مختلفة، إلى سطح حساس للضوء لتشكيل الصورة، وكما تستعمل آلة التصوير لتسجيل الأحداث، التي نرغب في تذكرها، فإنه يمكننا استخدام آلة التصوير هذه للحصول على معلومات مناسبة، لموضوع معين، نهتم بدراسته.
وبالرغم من أن بعض أجهزة الاستشعار عن بعد قادرة على إعطاء معلومات/بيانات مستمرة في وقت تشغيلها نفسه، فإن أكثر أجهزة الاستشعار عن بعد تقوم بخزن المعطيات، بشكل أو بآخر. وكذلك فإن كمية المعطيات القابلة للاستخدام في الصورة الثابتة أكبر منها في اللقطات المتغيرة باستمرار، والمرئية على جهاز عرض ما.
فأجهزة الاستشعار عن بعد إذن هي الأجهزة، التي تجمع المعطيات، بشكل قابل للتخزين عادة من أجسام أو مشاهد معينة من مسافة ما منها، وبعض هذه الأجهزة، كآلات التصوير، تستعمل طاقة الضوء المرئي[2]، بينما يستعمل بعضها الآخر أنماطا أخرى من الطاقة، فهناك أجهزة استشعار عن بعد أقل شيوعاً من آلات التصوير، كأجهزة الرادار وأجهزة التصوير بالأشعة السينية X- Rays.
فباستعمال الأشعة السينية مثلاً، يمكن أن تكون المسافة أكبر بقليل من سماكة طبقة من الجلد أو النسيج، أما الاختلاف الأكثر أهمية فهو طبيعة الأشعة المستعملة في كل نظام. فبالنسبة للرادار وللأشعة السينية يكون اختلاف طول موجة الإشعاعات المستخدمة هو السبب الذي يعطي كلاً من النظامين ميزاته لمهمات علمية معينة.
1. المنصات الحاملة لأجهزة الاستشعار عن بعد
الغرض الأساسي من المنصات، التي تحمل أجهزة الاستشعار عن بعد، هو وضع هذه الأجهزة على ارتفاع معين من سطح الأرض. وتستخدم البالونات والطائرات في الاستشعار الجوي للحصول على صور جوية ذات مقاييس كبيرة ومتوسطة، من 2000:1 حتى 8000:1، طبقاً لارتفاع البالون أو الطائرة، الذي يراوح بين 3000 و7000 متر، والبالونات قد تكون موجهة، أو غير موجهة، حيث يتوقف مسارها على الرياح.
والنوع الثالث من المنصات هو المركبات الفضائية، وهذا النوع من المنصات باهظ التكاليف، ويتطلب تكنولوجيا رفيعة المستوى. وهذه المركبات نوعان: متحركة في مساراتOrbits حول الكرة الأرضية، وثابتة Geostationary، وهي التي تتميز بتواجدها الدائم، في موضع ثابت بالنسبة للأرض، وبذا توفر ملاحظة دائمة ومستمرة لجزء ما من الكرة الأرضية.
2. أجهزة التقاط البيانات
أجهزة التقاط البيانات هي التي تستقبل الأشعة المنبعثة والمنعكسة، على أطوال موجية معينة، ثم تحولها إلى أشعة، ترسل إلى محطات استقبال أرضية. وتنقسم أجهزة التقاط بيانات الاستشعار عن بعد إلى الأنواع الرئيسية الآتية:
أ. أجهزة التصوير، (اُنظر شكل أسلوب التصوير الضوئي)
ب. الرادار، وهو جهاز التقاط الاستشعار الموجب، حيث يتولى بث الأشعة، والتقاطها، وإرسالها إلى محطات الاستقبال الأرضية.
ج. وعادة ما تزود الأقمار بتلسكوبات ضخمة، تزيد من دقة التقاط الأشعة. والأقمار الفرنسية "سبوت" SPOT مزودة باثنين من هذه التلسكوبات، التي يزن كل منها 250 كجم، ويبلغ طوله مترين ونصف المتر، وبعد التقاط الصور بواسطة النظام البصري، يسقط الضوء على أجهزة الإحساس الضوئية، التي يتكون كل منها من 1000 خلية، تحول الإشارات الضوئية إلى إشارات كهربائية.
3. الأجهزة المستخدمة في دراسة البحار والمحيطات
وبعض أجهزة الاستشعار التي تحملها الأقمار الصناعية سلبية، مثل أجهزة قياس الإشعاع "الراديوميتر" Radiometer، وتتولى الكشف عن انبعاث الأشعة الطبيعية من البحر، أو ما يعكسه البحر من ضوء الشمس.
وهناك أجهزة استشعار أخرى إيجابية، تبعث موجاتها الرادارية خلال فتحة رادار اصطناعية Synthetic Aperature Radar: SAR، فتتولد صورة يوافق بريقها كمية الطاقة المنعكسة من سطح البحر في شكل موجات دقيقة. ويتحكم في توليد الصورة أحوال سطح البحر، ومدى اضطرابه، والحركة بوجه عام. والصور، التي يحصل عليها بالرادار، يمكنها أن تكشف التفاصيل عن بعض الخصائص، مثل الحركات النموذجية الداخلية، أو طبوغرافيا القاع، إلى عمق عدة أمتار.
أ. جهاز قياس الارتفاع
وجهاز قياس الارتفاع Altimeter يعمل عمل رادار قد تكون له أهمية خاصة لقياس مستوى سطح البحر، ومن ثم درجة انحداره في حدود بضعة سنتيمترات من الدقة. ومعنى هذا، أنه بفضل قياس الارتفاعات، يمكن الكشف عن تنوع تيارات المحيط، على أساس إجمالي، كما يمكن قياس حجم الدوامات المحيطة، على مساحات شاسعة مضطربة، مثل دوامات بحار الجنوب.
وتسجيل وقت بث الموجة الرادارية في رحلتها من القمر الصناعي إلى البحر ووقت استقبالها، ودراسة شكل هذه الموجة عند رجوعها تعطي الأدلة على حالة اضطراب البحر. وعلى ذلك، فإن هذا الجهاز يتيح وسيلة لمراقبة ارتفاع الأمواج في كل الأوقات، وهو متغير له أهميته في الملاحة.
ب. مقياس التشتت
ومقياس التشتت Disperometer رادار يغطى مساحة أكثر اتساعاً. فالشدة المتوسطة للموجات الرادارية، هي مقياس لاضطراب البحر نتيجة لهبوب الرياح. ومن ثم، فإن طريقة الكشف هذه، تتيح وسيلة لقياس الريح، على سطح البحر